هل يسْتَأذِن المَوتى .. ؟!
هل يسْألوننا .. إن كنا قد استعدينا ..لرحِيلهم ..
هل يُبالون ..
هل يهتمون بما يتركون خلفَهم ..
هل يُدركون .. ما يفعله بنا لهيب الفراق ..
هل من وداع أم أنهم فقط يذهبون ..
هل يذكُرون كم من الأمانيّ قد تركوها مُعلّقةً في رقابنا..
هل يعلمون أننا سنظل نحمل ذلك الذنب أبدا.. لأننا لم نسابق الأقدار لنحقق لهم أمنية ما .. كانت على قائمة الانتظار ..!!
هل يعلم الراحلون بأي شيءٍ قد ذهبُوا ..؟!!
هل أدركوا حقا أن صافرةً تعلن رحيلا جديدا ..تذهب منّا في كل مرّة بشيء جديد ..
هل يُدركون أننا ما عدنا نخشى الفراق بقدر ما نخشى ما يأخذه منا ..
و أنه ما عاد لدينا ما نقدمه قربانا للرّحيل ..
و أن أرواحنا ما عادت قادرةً على التّضحية بأجزاءٍ منها في كل مرَّة ..
و أنّ عاصِفََة الموت قد كسَرت -دون أن تدري- شيئا بالقلب ما عاد يمكن إصلاحُه ..
و أنّ شاطئَ النّسيان أبى أن يكتنفَنا مع رعاياه ..!
ربَّما .. لا نود أن ننسى ..
فَما حفروه قبل أن يذهبوا ..أكبر من أن تعصِفَ به رياحُ النّسيان ..
هل مَازالت قلوبُهم مُعلّقة بشيءٍ في عالمنا .. تُرى ما هو ؟!
إن
أصعب ما في الموت ليست فَجِيعة الفَقد .. إنما جهلُنا – نحن الأحياء- عن مَاهيّة
المجهول الذاهب إليه مفارقُنا بخطوات ثابتة ..
رُبما
مزحة هي .. أو أمنية حَمقاء ..أو أنها محض رجاء من المستحيل .. أن يعود الأموات
للحظة ..فقط ..لنَسألهم ..كيف هُم؟!
ربَّما لو أنّهم بحالٍ أفضل ما كنا لنحزن .. سنشتاق
إليهم ..لكن يكفينا أنهم سعداء بعالمِهم الغارِقِ في الغُمُوض حدَّ الإيلام ..!!
رُبَّما هم بِخَير مستَقر و مكان .... من يدري ..؟!
و لكنّنا .. سنظل نفتَقِدُهم .. و سنبقى لِذكراهم حافظين .. و عهودهُم بالقلب باقية مادامَ النّبض ..
و سَيظَلُّ الدّمعُ يُذرَف .. فالعُيُون لاتَنسَى ..
و سأظلُّ أسأل ربي لهم رحمةً مِلءَ السّموات و الأرض ..
و سأظلُّ أشعرُ بأَرواحِهِم ترَى و تبتَسِم .......